أقوال العلماء فى معنى السبعة الأحرف
وقد إختلف العلماء فى معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال. قال أبو عبدالله محمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى القرطبى المالكى فى مقدمات تفسيره: وقد اختلف العلماء فى المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستى ، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.
قلت: ثم سردها القرطبى وحاصلها ما أنا مورده ملخصا:
(الأول)
وهو قول أكثرأهل العلم منهم سفيان بن عيينة وعبدالله ابن وهب وأبو جعفر محمد بن جرير والطحاوى : أن المراد سبعة أوجه من المعانى المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم. وقال الطحاوى : وأبين ما ذكرفى ذلك حديث أبى بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده. حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأ فكل كاف شاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل.
وروى ورقاء عن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبى بن كعب أنه كان يقرأ يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم : للذين أمنوا أمهلونا، للذين آمنواأخرونا، للذين آمنوا أرقبونا، وكان يقرأ كلما أضاء لهم مشوا فيه : مروا فيه، سعوا فيه، قال الطحاوى وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش وقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط واتقان الحفظ، وقد ادعى الطحاوى والقاضى والباقلانى والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة فى أول الأمر، ثم نسح بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
قلت: وقال بعضهم: إنما كان الذى جمعهم على قراءة واحدة أمير المؤمنين عثمان بن عفان أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمور بإتباعهم وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم فى القراءة المفضية إلى تفرق الأمه وتكفير بعضهم بعضا. فرتب لهم المصاحف الأئمة على العرضة الأخير التى عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر رمضان كان من عمره علمه السلام وعزم عليهم أن لايقرءوا بغيرها. وأن لا يتعاطوا الرخصة التى كانت لهم فيها سعة. ولكنها أدت إلى الاختلاف والفرقة، كما ألزم عمر الخطاب الناس بالطلاق الثلاث المجموعة حتى تتابعوا فيها وأكثروا منها قال: فلو أنا أمضيناه عليهم، وأمضاه عليهم، وكذلك كان ينهى عن المتعه فى أشهر الحج لئلا تقطع زيارة البيت فى غير أشهر الحج. وقد كان أبو موسى يبيح التمتع، فترك فتياه اتباعًا لأمير المؤمنين وسمعًا وطاعة للأئمة المهديين.
(القول الثانى)
أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر، قال الخطابى : وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما فى قوله
وعبد الطاغوت ، و يرتع ويلعب قال القرطبى : ذهب إلى هذا القول أبو عبيد ، واختاره ابن عطية قال أبو عبيد : وبعض اللغات أسعد به من بعض، وقال القاضى الباقلانى : ومعنى قول عثمان إنه نزل بلسان قريش أى معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: قرآنا عربياً ولم يقل قرشيا، قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولاً واحداً يعنى حجازها ويمنها، وكذا قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر ، قال: لأن لغة غير قريش موجودة فى صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز، وقال ابن عطية : قال ابن عباس : ما كنت أدرى معنى فاطر السماوات والأرض حتى سمعت أعرابيا يقول لبئرابتدأ حفرها: أنا فطرتها.
(القول الثالث)
إن لغات القرآن السبع منحصرة فى مضر على اختلاف قبائله خاصة، لقول عثمان أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر ابن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما ينطق به الحديث فى سنن ابن ماجه وغيره .
(القول الرابع)
وحكاه الباقلانى عن بعض العلماء أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء منها ما لاتتغيرحركته ولاتتغيرصورته ولا معناه، مثل (ويضيق صدرى) ويضيق ومنها ما لا تتغيرصورته ويختلف معناه، مثل (فقالوا ربنا باعد- وباعد- بين أسفارنا) وقد يكون الاختلاف فى الصورة والمعنى بالحرف، مثل ننشزها وننشرها أوبالكلمة مع بقاء المعنى مثل (كالعهن المنفوش- أو- كالصوف المنقوش) أو باختلاف الكلمة وإختلاف المعانى، مثل (وطلح منضود- وطلع منضود) أو بالتقدم والتأخر: مثل (وجاءت سكرة الموت بالحق- أو - سكرة الحق بالموت) أو بالزيادة، مثل (تسع وتسعون نعجة- أنثى- وأما الغلام فكان كافرأوكان أبواه مؤمنين- فإن الله بعد اكراههن لهن غفور رحيم).
(القول الخامس)
أن المراد بالأحرف السبعة معانى القرآن، وهى أمر، ونهى ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال، قال ابن عطية: وهذا ضعيف لأن هذه لاتسمى. حروفا، وأيضا فالاجماع أن التوسعة لم تقع فى تحليل حلال، ولا فى تغييرشىء من المعانى، وقد أورد القاضى الباقلانى فى هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هى التى أجاز لهم القراءة بها.
قال القرطبى : قال كثير من علمائنا كالداودى وابن أبى صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع ليست هى الأحرف السبعة التى اتسعت الصحابة فى القراءة بها، وإنما هى راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذى جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره، قال القرطبى : وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها. وإنما اختار القراءة المنسوبة إلية لأنه رآها أحسن وأولى عنده، قال:ولقد أجمع المسلمون فى هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا فى ذلك مصنفات،واستمر الاجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله من حفظه الكتاب
__________________
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ .
رب توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين
وقد إختلف العلماء فى معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال. قال أبو عبدالله محمد بن أبى بكر بن فرح الأنصارى القرطبى المالكى فى مقدمات تفسيره: وقد اختلف العلماء فى المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستى ، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.
قلت: ثم سردها القرطبى وحاصلها ما أنا مورده ملخصا:
(الأول)
وهو قول أكثرأهل العلم منهم سفيان بن عيينة وعبدالله ابن وهب وأبو جعفر محمد بن جرير والطحاوى : أن المراد سبعة أوجه من المعانى المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم. وقال الطحاوى : وأبين ما ذكرفى ذلك حديث أبى بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده. حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأ فكل كاف شاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل.
وروى ورقاء عن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبى بن كعب أنه كان يقرأ يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم : للذين أمنوا أمهلونا، للذين آمنواأخرونا، للذين آمنوا أرقبونا، وكان يقرأ كلما أضاء لهم مشوا فيه : مروا فيه، سعوا فيه، قال الطحاوى وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش وقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط واتقان الحفظ، وقد ادعى الطحاوى والقاضى والباقلانى والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة فى أول الأمر، ثم نسح بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
قلت: وقال بعضهم: إنما كان الذى جمعهم على قراءة واحدة أمير المؤمنين عثمان بن عفان أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمور بإتباعهم وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم فى القراءة المفضية إلى تفرق الأمه وتكفير بعضهم بعضا. فرتب لهم المصاحف الأئمة على العرضة الأخير التى عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر رمضان كان من عمره علمه السلام وعزم عليهم أن لايقرءوا بغيرها. وأن لا يتعاطوا الرخصة التى كانت لهم فيها سعة. ولكنها أدت إلى الاختلاف والفرقة، كما ألزم عمر الخطاب الناس بالطلاق الثلاث المجموعة حتى تتابعوا فيها وأكثروا منها قال: فلو أنا أمضيناه عليهم، وأمضاه عليهم، وكذلك كان ينهى عن المتعه فى أشهر الحج لئلا تقطع زيارة البيت فى غير أشهر الحج. وقد كان أبو موسى يبيح التمتع، فترك فتياه اتباعًا لأمير المؤمنين وسمعًا وطاعة للأئمة المهديين.
(القول الثانى)
أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر، قال الخطابى : وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما فى قوله
وعبد الطاغوت ، و يرتع ويلعب قال القرطبى : ذهب إلى هذا القول أبو عبيد ، واختاره ابن عطية قال أبو عبيد : وبعض اللغات أسعد به من بعض، وقال القاضى الباقلانى : ومعنى قول عثمان إنه نزل بلسان قريش أى معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: قرآنا عربياً ولم يقل قرشيا، قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولاً واحداً يعنى حجازها ويمنها، وكذا قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر ، قال: لأن لغة غير قريش موجودة فى صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز، وقال ابن عطية : قال ابن عباس : ما كنت أدرى معنى فاطر السماوات والأرض حتى سمعت أعرابيا يقول لبئرابتدأ حفرها: أنا فطرتها.
(القول الثالث)
إن لغات القرآن السبع منحصرة فى مضر على اختلاف قبائله خاصة، لقول عثمان أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر ابن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما ينطق به الحديث فى سنن ابن ماجه وغيره .
(القول الرابع)
وحكاه الباقلانى عن بعض العلماء أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء منها ما لاتتغيرحركته ولاتتغيرصورته ولا معناه، مثل (ويضيق صدرى) ويضيق ومنها ما لا تتغيرصورته ويختلف معناه، مثل (فقالوا ربنا باعد- وباعد- بين أسفارنا) وقد يكون الاختلاف فى الصورة والمعنى بالحرف، مثل ننشزها وننشرها أوبالكلمة مع بقاء المعنى مثل (كالعهن المنفوش- أو- كالصوف المنقوش) أو باختلاف الكلمة وإختلاف المعانى، مثل (وطلح منضود- وطلع منضود) أو بالتقدم والتأخر: مثل (وجاءت سكرة الموت بالحق- أو - سكرة الحق بالموت) أو بالزيادة، مثل (تسع وتسعون نعجة- أنثى- وأما الغلام فكان كافرأوكان أبواه مؤمنين- فإن الله بعد اكراههن لهن غفور رحيم).
(القول الخامس)
أن المراد بالأحرف السبعة معانى القرآن، وهى أمر، ونهى ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال، قال ابن عطية: وهذا ضعيف لأن هذه لاتسمى. حروفا، وأيضا فالاجماع أن التوسعة لم تقع فى تحليل حلال، ولا فى تغييرشىء من المعانى، وقد أورد القاضى الباقلانى فى هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هى التى أجاز لهم القراءة بها.
قال القرطبى : قال كثير من علمائنا كالداودى وابن أبى صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع ليست هى الأحرف السبعة التى اتسعت الصحابة فى القراءة بها، وإنما هى راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذى جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره، قال القرطبى : وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها. وإنما اختار القراءة المنسوبة إلية لأنه رآها أحسن وأولى عنده، قال:ولقد أجمع المسلمون فى هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا فى ذلك مصنفات،واستمر الاجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله من حفظه الكتاب
__________________
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ .
رب توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين